لا يريدوننا حتى شركاء?! بقلم الدكتور محمد جميعان

وكالة البوصلة للأنباء :-: لا يريدوننا حتى شركاء?!
لا يريدوننا حتى شركاء?! 

د.محمد احمد جميعان 
يطرح البعض تنسيقيات وبرامج ومشاريع للاصلاح ومحاربة الفساد، تصل الى مستويات متقدمة تلامس تعديلات دستورية تفوق " الملكية الدستورية " احيانا، ويامل هؤلاء ان تكون طروحاتهم محل تجاوب من المتنفذين او اصحاب القرار.
لست معنيا هنا، الاسترسال في تحليل وتفسير هذه االتنسيقيات او التجمعات التي تذكرني بالاحزاب الديكورية التي كانت في خدمة الانظمة من موقع المعارضة المصطنعة، بل لن اكون مبالغا اذا قلت ان بعضها ديكورات للتنفيس وتمييع الهمم اكثر منها داعم للحراك الشعبي، حتى وان بدت في ظاهرها دعوة للوحدة والتنسيق، فالحراك الجمعي لا يحتاج لمثل هذه الهيئآت المتوالدة ولا الى قيادات مصطنعة تسعى للنجومية، انما الى رجال يغبرون ارجلهم، ويهتدون بالفكرة التي تقودهم وتحرك فيهم المظلمة ليندفعوا من تلقاء نفسهم مطالبين بحقوقهم ..
كما لست معنيا (هنا) بالطروحات الحالمة ومدى قبولها او جزءا منها، فهي في الغالب احلام يقظة، سيما انها تقدم كمطالب تشبه الاستجداء من اصحاب النفوذ، الذين يجدون فيها تحطيما لنفوذهم ومكتسباتهم، وقد جعلوا منها حرمات لا يمسها الا من به مس من الجنون..
ولكنني معني في تأصيل الحال حتى لا يتبدد الجهد، سيما ان بعض هؤلاء الاخوة يعرضون علي مثل الطروحات، وغالبا ما كنت امتنع عن ابداء الراي الكامل والوافي فيها لسببين : الاول ان هؤلاء يحلمون وياملون بشكل مندفع ان ما يطرحون يلقى القبول ولا اريد ان اكون حجر عثرة في وجه احلامهم، والثاني ان في داخلي حقيقة كنت امتنع عن الحديث فيها حتى يأتي اوانها ولا اتعجل بها فتصبح كما ياكل الحصرم فيشرى حلقه وتلتهب معدته دون جدوى.
تأصيل الفساد، واقصد العودة الى منابعه واصوله كفيل ان يوصلنا الى المنهج والطريق الصحيح، اذ ينبع الفساد المستشري من معادلة متشعبة، قوامها مدرك معروف، تتمثل في طبقة المتنفذين الذين ينحدرون من عائلات واسماء بعينها لا تتعدى بضع حافلات " كوستر" اسميتها " طبقة النبلاء" تشكلت عبر اجيال ورثوا المال ومفاصل القرار ابا عن جد، حتى اكتسب الابناء فهلوة الاباء والاجداد وزادوا عليها مهارات " الدجتل والكوكو"، فما ان يتخرج من الجامعة حتى يصبح في بحر سنين صاحب العطوفة والمعالي والدولة، وقد اسميت هؤلاء بمجموعة " القفز بالزانة" باعتبار قفزتهم الوظيفية الى المنصب تشبه من يقفز بالزانة، وهم الوكلاء المعتمدون للنبلاء. واصبح هؤلاء يتداولون بينهم المناصب والمواقع والمراكز التي تتحكم في مفاصل الدولة، وتجلب لهم مزيدا من الثراء والسيطرة عبر حلقة تشابكية متينة من المصالح والمصاهرة والمنادمة ( شركاء في النهار ندماء في الليل وما بينهم من المصاهرة) بما يشبه الاخطبوط ، ما ان يقترب منه غريب حتى يمتصه او يهضمه او يحرقه بكل الاساليب ودون رحمة.
هذا المحفل الاخطبوطي العظيم " طبقة النبلاء " ومجموعتهم المعتمدة يرتبط بقوة اكبر واعظم مع كبرى الشركات والبنوك وكبار المستثمرين المحليين والاقليميين والدوليين بما فيها المافيات او التي تتولى تنفيذ العطاءات التي من خلالها تتحصل العمولات والصفقات، فما ان يزهد من المنصب الحكومي حتى يراس مجلس ادارة شركة كدبي كبتالمثلا او البنك الفلاني كالبنوك الخليجية مثلا او شركات الاسهم او الشركات القابضة الي يطلق عليها تعبير " الهبرة " في حلقة تشابكية دواره يعود بعدها الى منصب حكومي ارفع ليكمل ما فاته.. يصعب معها التفكيك من قبل أي سلطة مهما اعطيت من الصلاحيات الا اذا اتخذ قرار ارادي حازم جازم بعدم الالتفات الى أي حسابات او ردود فعل مهما بلغت وفتح هذه الشبكة وملفاتها دفعة واحدة دون تردد.
ما تبقى من الشعب ممن هم خارج اطار هذا المحفل ما هم الا عمال او موظفين او متقاعدين مهما علت درجاتهم سواء كانوا مدنيين او عسكريين فالحال من بعضه والدخل متقارب، ومن تبرز كفاءته او يصعد مستوى وعيه او يظهر عليه معارضة حتى يقصف عمره الوظيفي ويحال على التقاعد او تتم مضايقته عمدا ليقدم استقالته، وفي نهاية المطاف مهما بلغ فلن يصل سلم القرار حتى يصبح في عداد المتقاعدين؟!
المشكلة او المصيبة او عقدة الازمة اين؟
ان هذا المحفل او هؤلاء "المتنفذين او الشد العكسي او "النبلاء"، ولك ان تسميهم ما شئت؛ ليسوا على استعداد ان يسمحوا لك اطلاقا ان تضع قدمك على سلم مصالحهم ومنطقة نفوذهم، الا اذا تيقنوا ورسخت قناعاتهم انك لهم من المذعنين او ممن لا يعلم من امره الا " شياكة ثيابه وحذائه" وفوق كل هذا وذاك لن تكون الا على هامش لعبتهم، لا تملك من صلاحيات موقعك سوى " امرك سيدي" وبخلاف ذلك فهم يضعون عليك " اكس" ويعممون ذلك بينهم ان فلانا " حطينا عليها اكس" ويمنع أي كان مساعدته، ولن يسمح له بالتسلل " حسب تعبيراتهم" الى موقع كان ، يمكن ان " يوجع رؤوسهم "، الا في اطار الوعود والتفنن في اعطاء الوعود الوهمية، التي مصيرها القصاص بعد ان يستقر الحال..
بمعنى ان الفاسدين او الشد العكسي لن يسمحوا لك، ليس الاصلاح او محاربة الفساد فقط، مهما كان مشروعك متسامحا، حتى ولو كان يعتمد المطالبة والاستجداء، بل لن يسمحوا لك ان تكون شريكا " وبالحد الادنى" لهم بالمال والنفوذ ومفاصل القرار الا ان تكون مذعنا وعلى هامش لعبتهم.
نعم، الفاسدون لا يريدوننا، حتى شركاء في المال والقرارومفاصل الدولة..، فما بال البعض يسبح في الخيال ويتمنى الوهم..؟!
ومن هنا ياتي السؤال الاستفهامي الملح ؛ لمن نشتكي؟! ومن ينتصر؟! وما هو الحل؟!

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للمزيد ارشيف الموقع المتسلسل

هل ترى مواجهة كبرى مع اسرائيل؟