د.محمد أحمد جميعان
قراءة متأنية فاحصة في خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بمناسبة الانتهاء من إعمار الضاحية الجنوبية، نجد رسائل مهمة ومعبّرة ومؤكّدة، يمكن إدراجها تحت عنوان جامع، مهما اختلفنا تبقى بوصلتنا فلسطين والمقاومة.
الرسالة الأولى، أنّ الدمار الذي مارسته يد الغدر الإسرائيلية لم تثنينا، وها نحن أكملنا إعمار ما ارتكبته يد الهدم الإسرائيلية، والمعنويات تزداد سموا وارتفاعا.
والرسالة الثانية، مهما اختلفنا حول البحرين وسوريا وغيرها فنحن متفقون تماما حول فلسطين والمقاومة، وتحريرها هدفنا الإستراتيجي، وهو قادم لا محالة.
والرسالة الثالثة، لم نكن في حالة سبات، بل أنجزنا متطلبات القوة والقدرة أكثر وأكبر، وأصبحنا قادرين أن نصل ليس إلى تل أبيب فقط، بل إلى أيّ هدف نحدده ونريده في فلسطين.
والرسالة الرابعة، لن نسمح أن يتحوّل اللاجئين الفلسطينيين إلى جالية، ودعمنا لهم في الإطار إنساني فقط، باعتبارهم لاجئين للحفاظ على دافعية التحرير وتعزيز أمل العودة لديهم، ولن نلبّي مطالب الصهاينة التي تسعى لتنويم الفلسطينيين، وإبعادهم عن وطنهم بمحاولات توطينهم في دول الشتات، ليهنأ الإسرائيليون بفلسطين المحتلة.
والرسالة الخامسة، لن ننجرّ إلى أيّ خلافات مذهبية أو طائفية، فالإستراتيجية واضحة لدينا، لا تغيير ولا تبديل هي نحو فلسطين، ونحن ندرك ألاعيب الغرب والصهاينة في هذا المجال.
والرسالة السادسة، التأكيد على أنّ إيران حليف إستراتيجي، وهو الداعم الأساس والرئيس، وهو ما يتّكئ عليه حزب الله في الإعمار والإعداد التمويلي والعسكري، والمرشد الخامنئي هو القائد والمرجع، بالمفتوح وتحت الشمس ولا يخفي ذلك.
الرسالة السابعة، كان لا بد من قراءتها بين السطور، وهي المفصل الذي لا بد من أخذه بالعناية الدقيقة في قراءة موقف حزب الله الأخير من الوضع السوري.
لقد أكّد الأمين العام تسليمه بالاختلاف في الرأي والموقف حول سوريا، أمّا فلسطين فهي ليست محل اختلاف، وعندما قدّم تحليله وموقفه من التفجيرات الأخيرة في دمشق أوضحه بقوله: «نفس الأيدي التي ارتكبت المجازر في العراق دون أيّ حس إنساني، هي التي تريد أن تدمّر سوريا الآن»، إلاّ أنّه أكّد في نهاية هذه الفقرة أنّ هذه رؤيتهم في حزب الله وهذا ما يرونه، ولم يحاول أن يمسّ رؤية وموقف الآخرين بالتفنيد، كما كان يجري في السابق.
بالطبع هنا لا أريد أن أدخل في تفاصيل قناعاتي المخالفة، التي أرى فيها أنّ النظام السوري وأزلامه على استعداد أن يفعل العجائب والإجرام كله، من أجل البقاء في الحكم، وأنّ من أسال أطنان الدماء من شعبه لن يتورّع من إسالة الآلاف من الأطنان الأخرى.
ولكنني أرى أيضا، أنّ واقع ما آل إليه الوضع في سوريا شبه انهيار للنظام، حجم منفر ومقزز جدا تجاه الدماء السيالة والتي لم يعد معها بقاء النظام ذي جدوى على كافة الأصعدة، وعلى رأسها أنّه لم يعد يخدم إطلاقا الهدف الإستراتيجي ذو البعد العقائدي لإيران وحزب الله في المنطقة، الذي يتمثّل في تحرير بيت المقدس، الذي هو محور كل هذا الإعداد العسكري والاستخباري من أجل تحرير فلسطين، ولا ذلك الدعم السخي المالي والعسكري الذي تحصل عليه حماس وغزة من أجل الهدف ذاته.
ولكن، وهذا في تقديري أيضا، ماذا يمكن أن تفعل إيران وحزب الله تجاه النظام في سوريا إذا كان الرئيس بشار وحاشيته والمنتفعين منه في الداخل متمسكين بالكرسي خدمة لمصالحهم حتى الرمق الأخير؟!
هل يتخلّوا عنه نهائيا ليلتف حوله النظام الدولي الذي يحاول جاهدا منذ زمن طويل أن يبعده عن النظام الإيراني؟!
وكيف لحزب الله أن يتخلّى والنظام السوري كان المعبر اللوجستي لأسلحته وتمويله وإسناده؟ ألا يظهر كما من يتخلّى عن حليفه عند ضعفه فيظهر بعدم الوفاء؟!
هناك من يأتي ليقول: ولكن مصلحة الحزب والمصلحة السياسية تقتضي ذلك، وربما هناك من هو داخل الحزب من يطالب بذلك، والسؤال كيف يمكن الخروج بذلك مع حفظ ماء الوجه؟!
ربما، وهذا اقتراح، لو تدخّل الآن طرف ثالث، يحظى بالثقة والمصداقية المشتركة لكل الأطراف كحركة حماس، ليكون وسيطا للخروج من الأزمة في سوريا، على أن يكون محور هذه الخطة تنحّي الرئيس بشار، لتتولّى قياده مؤقتة، لإعداده ديمقراطيا، على غرار ما تم في اليمن مثلا.
يبدو أنّ الرئيس بشار وحاشيته والمنتفعين منه في الداخل يصرّون على التشبث بالكرسي والاستماتة من أجله حتى الرمق الأخير، وكل من حوله وفي قرارة أنفسهم يعلمون أنّ النظام راحل، ولكن ربما يسعون إلى ترتيب أوراقهم وأرزاقهم ومصالحهم أكبر وأكثر.
قد أكون مخطئا، أو أبدو ساذجا في تحليلي وقراءتي بين السطور في الخطاب، ولكن وحدة الصف والمقاومة وفلسطين تستحق أن نتفاءل ونأمل خيرا.
drmjumian@gmail.com
قراءة متأنية فاحصة في خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بمناسبة الانتهاء من إعمار الضاحية الجنوبية، نجد رسائل مهمة ومعبّرة ومؤكّدة، يمكن إدراجها تحت عنوان جامع، مهما اختلفنا تبقى بوصلتنا فلسطين والمقاومة.
الرسالة الأولى، أنّ الدمار الذي مارسته يد الغدر الإسرائيلية لم تثنينا، وها نحن أكملنا إعمار ما ارتكبته يد الهدم الإسرائيلية، والمعنويات تزداد سموا وارتفاعا.
والرسالة الثانية، مهما اختلفنا حول البحرين وسوريا وغيرها فنحن متفقون تماما حول فلسطين والمقاومة، وتحريرها هدفنا الإستراتيجي، وهو قادم لا محالة.
والرسالة الثالثة، لم نكن في حالة سبات، بل أنجزنا متطلبات القوة والقدرة أكثر وأكبر، وأصبحنا قادرين أن نصل ليس إلى تل أبيب فقط، بل إلى أيّ هدف نحدده ونريده في فلسطين.
والرسالة الرابعة، لن نسمح أن يتحوّل اللاجئين الفلسطينيين إلى جالية، ودعمنا لهم في الإطار إنساني فقط، باعتبارهم لاجئين للحفاظ على دافعية التحرير وتعزيز أمل العودة لديهم، ولن نلبّي مطالب الصهاينة التي تسعى لتنويم الفلسطينيين، وإبعادهم عن وطنهم بمحاولات توطينهم في دول الشتات، ليهنأ الإسرائيليون بفلسطين المحتلة.
والرسالة الخامسة، لن ننجرّ إلى أيّ خلافات مذهبية أو طائفية، فالإستراتيجية واضحة لدينا، لا تغيير ولا تبديل هي نحو فلسطين، ونحن ندرك ألاعيب الغرب والصهاينة في هذا المجال.
والرسالة السادسة، التأكيد على أنّ إيران حليف إستراتيجي، وهو الداعم الأساس والرئيس، وهو ما يتّكئ عليه حزب الله في الإعمار والإعداد التمويلي والعسكري، والمرشد الخامنئي هو القائد والمرجع، بالمفتوح وتحت الشمس ولا يخفي ذلك.
الرسالة السابعة، كان لا بد من قراءتها بين السطور، وهي المفصل الذي لا بد من أخذه بالعناية الدقيقة في قراءة موقف حزب الله الأخير من الوضع السوري.
لقد أكّد الأمين العام تسليمه بالاختلاف في الرأي والموقف حول سوريا، أمّا فلسطين فهي ليست محل اختلاف، وعندما قدّم تحليله وموقفه من التفجيرات الأخيرة في دمشق أوضحه بقوله: «نفس الأيدي التي ارتكبت المجازر في العراق دون أيّ حس إنساني، هي التي تريد أن تدمّر سوريا الآن»، إلاّ أنّه أكّد في نهاية هذه الفقرة أنّ هذه رؤيتهم في حزب الله وهذا ما يرونه، ولم يحاول أن يمسّ رؤية وموقف الآخرين بالتفنيد، كما كان يجري في السابق.
بالطبع هنا لا أريد أن أدخل في تفاصيل قناعاتي المخالفة، التي أرى فيها أنّ النظام السوري وأزلامه على استعداد أن يفعل العجائب والإجرام كله، من أجل البقاء في الحكم، وأنّ من أسال أطنان الدماء من شعبه لن يتورّع من إسالة الآلاف من الأطنان الأخرى.
ولكنني أرى أيضا، أنّ واقع ما آل إليه الوضع في سوريا شبه انهيار للنظام، حجم منفر ومقزز جدا تجاه الدماء السيالة والتي لم يعد معها بقاء النظام ذي جدوى على كافة الأصعدة، وعلى رأسها أنّه لم يعد يخدم إطلاقا الهدف الإستراتيجي ذو البعد العقائدي لإيران وحزب الله في المنطقة، الذي يتمثّل في تحرير بيت المقدس، الذي هو محور كل هذا الإعداد العسكري والاستخباري من أجل تحرير فلسطين، ولا ذلك الدعم السخي المالي والعسكري الذي تحصل عليه حماس وغزة من أجل الهدف ذاته.
ولكن، وهذا في تقديري أيضا، ماذا يمكن أن تفعل إيران وحزب الله تجاه النظام في سوريا إذا كان الرئيس بشار وحاشيته والمنتفعين منه في الداخل متمسكين بالكرسي خدمة لمصالحهم حتى الرمق الأخير؟!
هل يتخلّوا عنه نهائيا ليلتف حوله النظام الدولي الذي يحاول جاهدا منذ زمن طويل أن يبعده عن النظام الإيراني؟!
وكيف لحزب الله أن يتخلّى والنظام السوري كان المعبر اللوجستي لأسلحته وتمويله وإسناده؟ ألا يظهر كما من يتخلّى عن حليفه عند ضعفه فيظهر بعدم الوفاء؟!
هناك من يأتي ليقول: ولكن مصلحة الحزب والمصلحة السياسية تقتضي ذلك، وربما هناك من هو داخل الحزب من يطالب بذلك، والسؤال كيف يمكن الخروج بذلك مع حفظ ماء الوجه؟!
ربما، وهذا اقتراح، لو تدخّل الآن طرف ثالث، يحظى بالثقة والمصداقية المشتركة لكل الأطراف كحركة حماس، ليكون وسيطا للخروج من الأزمة في سوريا، على أن يكون محور هذه الخطة تنحّي الرئيس بشار، لتتولّى قياده مؤقتة، لإعداده ديمقراطيا، على غرار ما تم في اليمن مثلا.
يبدو أنّ الرئيس بشار وحاشيته والمنتفعين منه في الداخل يصرّون على التشبث بالكرسي والاستماتة من أجله حتى الرمق الأخير، وكل من حوله وفي قرارة أنفسهم يعلمون أنّ النظام راحل، ولكن ربما يسعون إلى ترتيب أوراقهم وأرزاقهم ومصالحهم أكبر وأكثر.
قد أكون مخطئا، أو أبدو ساذجا في تحليلي وقراءتي بين السطور في الخطاب، ولكن وحدة الصف والمقاومة وفلسطين تستحق أن نتفاءل ونأمل خيرا.
drmjumian@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق