احمد الربابعة -
ما سمعه الأردنيون وعرفوه في الأيام الأخيرة عن إقدام رجال الأمن على ضرب وإهانة وتعذيب ناشطي الحراك الشعبي، الذين جرى اعتقالهم على الدوار الرابع تحت وطأة البصاطير والهراوات، كان وقعه صادما وثقيلا جداً عليهم!
فما جرى، كما رواه ووصفه المفرج عنهم حتى الآن ممن تم اعتقالهم، كان مؤلما ويتنافى مع أخلاق الأردنيين وسلوكهم، فالإهانات لأبناء الأردن لم تقف عند حد الهراوات والضرب فحسب؛ بل تعدتها لما هو أبشع من ذلك من صنوف الإهانة وسحق الكرامة، حين أُجبر المعتقلين الأحرار على التجرد من ملابسهم وإبقائهم بملابسهم الداخلية، وضربهم وهم بتلك الهيئة! وكل ذلك لأنهم كانوا يطالبون بالإصلاح ومحاربة الفساد والإفراج عن معتقلي الطفيلة الأحرار!
وخلال مدة عام ظل الأمن الأردني يتفاخر بطريقته العاقلة والمتزنة في التعامل مع الحراك، حتى بلغت موضع تقدير وإشادة داخلية وخارجية وصفت أسلوبه بالأمن الناعم؛ لكن ما جرى بعد اعتصام رئاسة الوزراء قبل اسبوع، كان خارج مألوف الأردنيون وطباعهم التي تعايشوا بها ... فمن الجاني ومن المجني عليه ومن المستفيد؟
تخيلوا أن من تم تجريدهم ملابسهم وإذلالهم هم من أبناء الطفيلة وأبناء جرش وغيرهم من أبناء الأردن! وتخيلوا أن من ارتكب ذلك بحقهم هم إخوتهم من أبناء محافظاتهم في المؤسسة الأمنية ... فهل يُعمل على دس الفتنه بين أبناء الشعب الواحد من أجل عدم المساس بالفاسدين؟!
حقاً أنه عار وعار كبير جدا، حين يُقدم عدد من أفراد الأمن على تشليح واهانة أبناء عشائرهم وأبناء الأردن ككل، بحجة تجاوز الخطوط الحمراء! ... والسخرية في الأمر: أن الذين نهبوا البلد ودمروا مؤسساته وأذاقوا الهوان والبؤس لشعبه، فهؤلأ لم يتجاوزا الخطوط الحمراء! وبقوا ضمن خطوط السواء والاستقامة والمواطنة الصالحة !! بل ولا زال بعضهم يتمتع بالحماية والرعاية والتقدير وتقديمه في الصفوف الأمامية، دون أدنى مراعاة لمشاعر الأردنيين الذين يتحسرون ويتلوعون على ما جرى في بلدهم من جرائم هؤلأ.
لسنا نعلم أبدأ نظامنا بالتخبط وفقد السيطرة، حتى أصبحنا مثل سجون الدكتاتوريات وسجن أبو غريب، فيعمل على تشليح أبناء الأردن الأحرار وإذلالهم واهانتهم بهذه الطريقة ! أم أنه الوجه الآخر لهذا النظام والذي أخفاه عنا طيلة السنوات الماضية؟
أما ما نعلم به؛ فهو: أن ما جرى ما إقدام رجال الأمن على إهانة أبناء شعبهم لم يكن قرارهم أو برغبتهم؛ ولم تكن يوماً هذه أخلاق رجال أمننا، بل ربما لا زال بعضهم يعاني من تأنيب الضمير والإحساس بالذنب على ما أقترفه مكرها أو سيقترفه مستقبلاً، فهم أبناء الشعب أولاً ويذوقون ما ذاقه بقية أفراد الشعب، ونعلم أن مثل هكذا تصرفات لا تكون إلا بقرارات عليا، تطلب التنفيذ فيُنفذ.جراسا
Attobh@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق