) |
الدكتور السيد مصطفي أحمد أبو الخير
في الثالث من أب / أغسطس وكعادة العدو الصهيوني يتصرف بصلف توجهت قواته إلي الجنوب اللبناني، لقطع أشجار في أرض لبنانية، دون احترام سيادة لبنان، ولا حتي احترام قوات اليونيفيل، ولكن الذي حدث ولم يتوقعه لا العدو الصهيوني ولا قوات اليونيفيل، ولا نغالي في القول أن قلنا أن الذي حدث لم يتوقعه أحد علي كافة الأصعدة الوطنية والإقليمية والعالمية، وحدثت اشتباكات عسكرية بين الجيش اللبناني في الجنوب اللبناني وبين قوات العدو الصهيوني، سقط فيها قتلي من الجانبين، وذلك يحمل عدة دلالات سياسية مهمة وخطيرة علي كافة الأصعدة يمكننا أجمالها في الآتي:
1 – ظن العدو الصهيوني أن لبنان أرض مستباحة كما كان في الماضي، وقبل حرب تموز 2006م، وما ترتب عليها من وجود قوات اليونيفيل، مما يعني عدم وجود أفراد للمقاومة في الجنوب، وأن الجيش اللبناني كسابق عهده لا يدخل مع قوات العدو في اي اشتباك عسكري، ولكن الذي حدث كان مفاجئة قوية للكل، فقد تدخل الجيش اللبناني ودافع عن أرضه وسيادته بشجاعة وبسالة لا تقل عن شجاعة وبسالة وبأس قوات المقاومة، وهذا تغير خطير ليس علي الساحة اللبنانية فحسب بل علي مستوي الصراع العربي والإسلامي والصهيوني، وتغيير في موازين القوي لصالح قوي المقاومة للمشروع الصهيوني والأمريكي في المنطقة، بذلك أصبح منهج المقاومة للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، مشروعا رسميا تتبناه الدولة اللبنانية بمؤسساتها الرسمية وعلي رأسها العسكرية، ويمثل ذلك ضربة قوية للمشروع الأمريكي الصهيوني، ودفعة قوية لمنهج وقوي المقاومة العربية والإسلامية لهذا المشروع، أكد مشروعيته صموده وزاد من قوته، وهذا ما اذهل العدو الصهيوني قيادة وجيش.
2 – الأمر الثاني أن العدو الصهيوني في هذه المرة، لم يتبجح بالأستخدام المفرط للقوة العسكرية، بل حاول وبسرعة عدم توسيع رقعة الاشتباكات العسكرية، وأكثر من ذلك ذهب مسرعا إلي الأمم المتحدة ومجلس الأمن، علما بأن تاريخه الأسود في الاعتداءات، كانت تعتمد علي الاستهزاء بالأمم المتحدة وخاصة قرارات مجلس الأمن، ولم ينفذ أي قرار من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن منذ يداية وجود هذا الكيان غير الشرعي في المنطقة، مما يدل علي تراجع كبير في سياسة العدو الصهيوني واستراتيجيته القائمة علي الاستخدام المفرط للقوة، كما انه دلالة واضحة علي أن الجيش الصهيوني بات ضعيفا ويقهر، وأن الاعتماد المطلق عليه من قبل هذا الكيان في التعامل مع دول المنطقة أصبح من الماضي، مما يعطي مؤشرا قويا علي أن عمر هذا الكيان غير الشرعي قرب علي الانتهاء، وأن ذلك من أعراض مرض الموت الذي أصبح في مرمي البصر، وفي متناول اليد، وان ذلك من ثمرات انتصار تموز 2006م ويناير 2009م، وأن الصمود والتصدي للغرطسة الصهيونية والأمريكية لها نتائج ايجابية قوية في للوصول للنصر النهائي، وانتهاء وجود هذا الكيان في المنطقة.
3 – من الأمور الملفته للنظر هنا، أن الولايات المجرمة الأمريكية لم تظهر كعادتها في مثل هذه الحالات، وتكابر وتصرح علنا بالزيف والبطلان حق الكيان الصهيوني غير الشرعي في الدفاع عن نفسه، وأن الولايات المجرمة الأمريكية تضمن أمن هذا الكيان، علما بأن هذا الكيان ليس له أصلا حق في الوجود في هذه المنطقة، ولم تفلح كافة الأكاذيب والادعاءات والتضليلات السياسية في خلق حق الحياه والوجود لهذا الكيان، كما أن الاستخدام المفرط للقوة لم يعد يصلح أو يفيد في كسر إرادة هذه الأمة التي ترتبط بحبل الله ورسوله، وأن المقاومة باتت تفرط نفسها وحجزت لها مكانا متميزا في ميزان القوي، خاصة بعد هزيمة الولايات المجرمة الأمريكية في العراق وأفغانستان وباكستان، وباتت تتسول الأنسحاب من أي منهم بذل وأنكسار، مما يجعل مقولة أن الولايات المجرمة الأمريكية هي القطب الأوحد الذي يقف علي رأس المجتمع الدولي، مخالف تماما للواقع في المجتمع الدولي، وأن الولايات المجرمة الأمريكية توارت كثيرا وراء قوي دولية أصبحت في المقدمة.
4 – وما يسترعي الانتباه هنا موقف مجلس الأمن الذي لم يسارع هنا باصدار بيان غامض كل فقراته، تخالف أبسط مبادئ وأهداف الأمم المتحدة، وبحث الموضوع في جلسة سرية، مما يؤكد انتهاء زمن غطرسة وغباء القوة لكل من الولايات المجرمة الأمريكية والعدو الصهيوني.
5 – يدل ما حدث علي أن الرسائل التي ارسلها الأمين العام لحزب الله إلي الكيان الصهيوني قيادة وجيشا وشعبا، عبر خطاباته أثمرت كثيرا في تراجع الغطرسة الصهيونية، وأن العدو الصهيوني يأخذها علي محمل الجد، وأن الكيان الصهيوني أخذ في التراجع والأنكماش، وبات بين فكي كماشة المقاومة في الشمال حزب الله والجيش اللبناني وفي الجنوب غزة وحماس وفصائل المقاومة الفلسطينية، ويؤكد تراجعه وأنكماشه، محاولاته المتعددة في تصفية الوجود غير اليهودي، والأصرار علي يهوديته، ذلك خلافا لنشوء الدول، حيث تنشئ الدول ثم تأخذ في التمدد والتوسع والقوة، ولكن الكيان الصهيوني عكس ذلك تماما، فهو ينكفئ علي نفسه، وينغلق علي ذاته، وأضحي يمثل عبئا علي الغرب وخاصة الولايات المجرمة الأمريكية.
ويتضح مما سبق أن وجود الكيان الصهيوني مشروع غربي يرتبط بالحملات الصليبية علي الإسلام دينا ودولا، فقد أثر فشل المشروع الأمريكي في المنطقة خاصة في العراق وأفغانستان، علي دورة حياة هذا الكيان غير الشرعي، حتي أصبحت وفاته علي مرمي البصر وفي متناول يد المقاومة الإسلامية، مما جعل الدول التي دخلت بيت الطاعة الأمريكي الصهيوني التي تدعي زيفا أنها دول الاعتدال تحاول جاهدة الظهور بخلاف ذلك، ومن ذلك تصريحات وزير الخارجية المصري الذي سارع بالقول ان مصر تقف مع لبنان في الحفاظ علي سيادته والدفاع عن أرضه، علما بأن تصريحاته السابقة لم تكن تدل ذلك مطلقا بل كانت تصب في صالح المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وتحاول السعودية الآن إعادة لبنان كدولة إلي الوراء أي الي الماضي، دولة بلا سيادة ولا جيش ولا أنياب، وما حدث في الانتخابات اللبنانية الأخيرة خير دليل وشاهد علي ذلك، خدمة لأ شد أعداء الأمة العربية والآسلامية.
ولكن حادث الشجرة وأن أقتعلت، فقد أثبت أن لبنان لم يعد كما كان في الماضي، الفناء الخلفي للكيان الصهيوني، يعبث به متي يشاء وكيفما يشاء، دون محاسبة أو رقيب، وبصلف وعنهجية فذلك بات من الماضي، وتلك بداية ناجحة وممتازة ومتميزة، للمشروع الرسمي للمقاومة، وباتت المقاومة الأهلية لحركات المقاومة الشعبية حزب الله مثلا، والدوائر والمؤسسات الرسمية في لبنان في خندق واحد ضد المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، مما زاد من قوة محور المقاومة أيران سوريا لبنان، واضعف من محور الاعتدال مصر السعودية وبعض دول الخليج، لذلك يمكننا القول في النهاية أن موازين القوي في المنطقة تعمل لصالح المقاومة ومشروعها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق