نسمع عن التنمية ولا نرى منها شيئا
د. محمد احمد جميعان
اشغلتنا الحكومة عن حديث التنمية وعيش الاهل في الوطن ، وادخلتنا في متاهات الخلاف والاختلاف، وهي تتخبط في امرها وتتمترس في عنادها، ترى الرفضين لها من كل حدب وصوب، ويمارس بعض اعضائها الاستفزاز والتثوير وتسخين الرؤوس وهم يتمسكون في مناصبهم رغم حجم البلبلة التي اثاروها بتصريحاتهم النجومية الولاعة .
وفي خضم ذلك تمرر لنا تصريحات اقتصادية متوالية حول النمو الاقتصادي ومكافحة الفساد واستيعاب البطالة ومعالجة جيوب الفقر ،ولسنا هنا بصدد الحديث عن ماهية هذه التصريحات والهدف منها..؟! لان ما يهمنا في هذه التصريحات مضمونها واثرها على الواقع المعيشي لنا ولاهلنا خاصة في الريف والبادية ، ونحن نقف ونستند الى حديث سيد البلاد امام مجلس النواب قبل السابق حين قال باحرف صريحة واضحة حين نبه وأعطى توجيهاته في حينه امام مجلس النواب قائلا على لسان شعبه (نسمع عن التنمية ولا نرى منها شيء..) فما الذي فعلته الحكومات وهذه الحكومة المرتبكة بالذات على ضوء صراحة الملك وحرصه وتوجيهاته ؟
ما يتحدث عنه الاهل هذه الأيام في الريف والبادية خصوصا وغالبية الوطن عموما من فساد مستشري وضنك في العيش وهم في تحصيله، وغم من ضيق اليد وعدم القدرة على تلبية الحاجات الأساسية والضرورية وبقية الالتزامات يزداد زخما شهرا بعد آخر، ليس باتجاه ما تخبرنا عنه الحكومة وتخدرنا به إعلاميا ولا نراه حياتيا بل باتجاه زخم التراجع في القدرة على شراء احتياجاتهم بعد ان اخذ ارتفاع الأسعار وجنونه ما تبقى من دخلهم الذي هو أصلا تحت خط الفقر وآخرين تحت خط الجوع بل وهناك من لا دخل له سوى المحسنين …
ان من يسمع هذه التصريحات يصاب بالغبن والقهر لان ما يسمعه لايلمسه ولا يحسه ولا يشعر به ولا نصيب له به وكأنه خارج هذه الحسابات،وهذا ما يتحدث به الناس كافة في مناطقهم ،الا اؤلئك المستفيدين اصحاب المصالح والمشاريع الكبيرة والحيتان الذين يخصهم هذا الحديث والذين يتفنون في تحصيل المزيد على حساب الغلابى والمعدمين والمخلصين من المتقاعدين والعاملين ..
فاين الارقام واين الوقائع واين المنجزات، وكم هي المنح والمساعدات ؟ وأين الضريبة وكم حصلت ومن تهرب منها ومن اعفي منها ولماذا؟وأين وأين وأين…؟ولو في الحدود الدنيا الذي يمكن قبوله بدل هذا الارتباك على كافة الأصعدة جراء تحصيل ارتفاع فاتورة النفط من جيوب الفقراء واصحاب الحاجة وذوي الدخل المحدود؟
وماذا فعلت الحكومة لاهلنا وماذا انجزت تجاه من اسميناهم وما زالوا الاقل حظا من الريف والبادية كمناطق وأفراد وبيئة التي ما زالت تعاني التخلف ونقص المشاريع والخدمات..وأبناؤهم يعانون الفقر والبطالة وشضف العيش وخشونته، يبحثون عن معونات عاجلة تسد ديونهم وتشتري لهم خبزا وغموسا وبعض السكر وهاهم يقولونها صراحة هذه المرة (كنا نشرب الشاي بالسكر إبريق ينطح إبريق وهالحين نشربه من الليل الى الليل من قلة السكر والمصاري)(كان أولادنا بشتغلوا وبدللوا وهالحين عاطلين باطلين بدوروا شغل مو لاقين) فأين حق الفقراء في أموال الأغنياء وأين التكامل والتكافل الاقتصادي والاجتماعي وأين العدالة..؟! أم ان المعادلة في اتجاهين متعاكسين نمو اقتصادي وارباح متراكمة ومركبة للبرجوازيين واصحاب المشاريع والمستثمرين والحيتان وإتباعهم وأصحابهم واعفاءات ضرائبية وتسهيلات.. وتراجع اقتصادي وضنك في العيش لنا ولاهلنا في الريف والبادية والأحياء الفقيرة ومن جاورهم وانتسب اليهم والآخرين…
ماذا يستفيد أبناؤنا وأهلنا في الريف والبادية مما يسمعون به ولا يطاولهم منه شيئا .. سيولة ومشاريع في البنوك والبورصات والعقارات والعمارات والفنادق والمدن السياحية والترفيهية والمنتجعات والمجمعات الفخمة والأسواق الباذخة والمولات… التي لا يرتادها الا صدفة وقد لا يشاهدها إلا من خلال الصور التي لا تزيده الا حصرة وتشعره بالغربة في وطنه، يناضرها شكلا وصورة ولا يستطيع دخولها ومعرفة ما يجري فيها من عجائب وغرائب وأمور أخرى الله يعلمها .. أم نقول له يكفيك منها تصور وخيال تشبع جوعك وترد غربتك..
ان ما يحزن اكثر ويثير الحيرة ان هذا الواقع مستمر،والحكومة تتلهى وتلهينا بالاستفزازات المتواصلة ،ولكننا نعيد لها ما سبق، ونذكرها لعل الذكرى تنفع الحكومة بان جلالة الملك أعطى توجيهاته صريحة واضحة كعين الشمس حين تحدث إمام مجلس النواب قبل السابق قائلا على لسان شعبه (نسمع عن التنمية ولا نرى منها شيء) فاين الحكومة من ذلك ؟!
www.drmjumian.co.cc
خلوي / 0795849459
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق